المعاناة تعرفكِ، تبحث عنكِ، وفي النهاية ستجدكِ. لا يهم أين تختبئين، لا يهم كم بنيتِ حولكِ من أسوار، لا يهم في أي طبقة اجتماعية وضعتِ نفسكِ، المعاناة لا تعترف بكل ذلك، لديها طريقتها في إيجادكِ. أفغانستان، ذلك البلد الحزين الذي كُتب عليه أن يعاني تحت وطأة الاحتلال والتعصب والعادات والقيم المزيفة، البلد الذي يُحدد فيه مصيرك منذ ولادتك؛ إما أن تكون ذكرًا فتُفتح لك الأبواب على مصراعيها، وإما أن تكوني أنثى فيكون مصيركِ الوحيد هو العبودية. عائلة أفغانية عادية، الأب رجل يمارس كل ما يمارسه الرجال من قسوة، والأم الخاضعة للأب تترك العنان له كي يتصرّف في بناته الخمسة كما يشاء. خمسة بنات حُرمن من التعليم، من ممارسة طفولتهن، من اللعب في الشارع، من الذهاب للسوق، من التصريح بآرائهن، كل ما عليهن فعله هو السمع والطاعة. الأب، الذي يشعر بالعار لأنه أنجب الإناث فقط، ولرغبته في أن يساعده شخص في أمور الحياة اليومية، يوافق مُكرهًا على اقتراح لإعادة إحياء عادة أفغانية قديمة هي “الباشا بوش”، أي أن يختار طفلة من طفلاته ليحوّلها إلى ذكر؛ عليها أن ترتدي ملابس الأولاد، تمشي كما يمشي الأولاد
هل حاولت من قبل الوقوف أمام قوس قزح؟ لا، ليس الوقوف أمامه فحسب بل مد يديك للمسه؟ إنه أمر غريب جداً. إنه دائماً بعيد قليلاً. تقتربين وتقتربين ثم بطريقة ما يصير إلى يسارك بعد أن كان أمامك أو يختفي لكن لا يمكنك الوقوف أمامه أبدا والمرور من تحته مباشرة". أخواتي في غرفة جميع الأغراض الآن. هذا كلام لا يمكنهن تفويته. "لكنني وجدت الشلال.
وجدته وحدي! أعني، أخبرني أبي أين كان، لكنني ذهبت إلى هناك وحدي". يرتسم وجه عاليا بتعبير غريب كأنني أتحدث لغة لا تفهمها. ثم أرفع بصري وأرى، في ضوء القمر، أن نيلا ومينا لديهما النظرة نفسها على وجهيهما. أشعر بالفجوة بيني وبين أخواتي تتسع. إنهن فتيات. لا يمكنهن تخيل كيف فعلت هذا. أبتسم قليلاً رغمًا عني. تلك النظرة على وجوههن، تلك المسافة بيني وبينهن، دليل على نجاح خطتي. "مررت من تحت قوس قزح، أمي العزيزة. ألم تلاحظي؟ ألا ترين أن في شيئا مختلفاً؟ كانت الصخور زلقة والمياه باردة، لكن قوس قزح كان هناك.. كدت ألمسه.
نصفي من الشرق؛ قصة قوية ومؤثرة عن رحلة فتاة صغيرة لاكتشاف ذاتها في أفغانستان. تُجبر عبيدة على أن تصبح باشا بوش (فتاة ترتدي زي صبي) بعد أن فقد والدها ساقه في هجوم بالقنابل. رواية غنية بالأحداث الشائقة، وتظهر الحقائق القاسية وآمال الناس الذين يعيشون في بلد مزقته الحرب. كتاب يثير أسئلة مهمة حول الجندر والحرية والانتماء.
كنت في السادسة من عمري حين أخبرتني بقدر قليل جدا عن رحيلها من أفغانستان وقدومها إلى الولايات المتحدة، كانتتسير بي إلى روضة الأطفال في يوم ممطر. كم تستغرق الرحلة من أفغانستان إلى أمريكا؟
حسنا، لقد غادرت بيتنا يوم الثلاثاء، وحين وصلت إلى أمريكا كان يوم الأربعاء.
ظللت فوق السحاب يوما كاملا؟
توقفنا مرة واحدة لتغيير الطائرة، لكن، نعم قضيت يوما كاملا فوق السحاب.
كيف شعرت وأنت في السماء؟
بالأمان. رأيت في أفغانستان ما يفعله الناس بالأرض لأن كلامنهم يريد قطعة منها. يدمرونها، يقسمونها. وحتى حين لا يتبقى منها شيء، يظلون يطالبون بها. لكن السماء ليست هكذا. لايمكن تقسيمها.
كيف بدت أمريكا من السماء؟
سكنت أمي حينها كأنها لم تسمع سؤالا مثل هذا من قبل ثم أجابت، "بدت كحلم".
حلم جيد؟
ترکت مظلتها المكسورة تسقط إلى جانبها. انسالت قطرات المطر على خديها. ذهب سؤالي بلا إجابة،حملته رياح قوية.