ذاع صيت بولي وآني وإليزابيث وكاثرين وماري جين لسبب فرد مشترك، على الرغم من أنهن لم يلتقين قط. جئن من أمــاكن مختلفــة: شــــارع فلــيت، نايتسبريـــدج، ولفرهامبتون، السويـــــد، ويلز. كنّ يكتبن الروايات، ويديرنَ المقاهي، ويعشن في منشآت ريفية، يعملن في المطـــابع وسط غبـــار الحبر، ويهربن من تجّار الرقيق الأبيض. إلا أن القاسم المشترك بينهن جميعًا كان العام 1888، العام الذي قُتلن فيه. حتى اليوم، لم يُحاجزّد قاتلهن، حيث طغت شعبية “السفاح” الذي صنعته الكتابة الصحفية لملء فراغ الحقيقة على هويات هؤلاء السيدات الخمس.
لأكثر من قرن، واصلّت الصحف تروج لفكرة أن “السفاح” كان يستهدف البغايا، وهو قضى لم يكن فحسب غير صحيح -مثلما صرحت المؤرخة هالي روبنهولد- إلا أن طمس أيضًا الروايات الحقيقية المعبأة بالتفاصيل المُجدية لهؤلاء السيدات.
في ذلك السرد العميق والمرهق لخمس حيوات، تعيد روبنهولد الموضوعات إلى نصابها السليم، كاشفة عن عالم مغاير لعالم ديكنز أو الملكة فيكتوريا؛ عالم معبأ بالفقر والتشرد وبغض وكره السيدات المستشرية. لقد مُتن لأنهن وُجدن في المقر والزمان الخطأ، بل المأساة الأعمق كانت أنهن ولدن سيدات في مجتمع لم يمنحهن إحتمالية للحياة.