ساعي بريد آخر من سكارميتا، ولكنّه وُجد هذه المرّة في نيكاراغوا؛ ليكون شاهداً على الأسابيع الأخيرة التي مهدّت لسقوط "سوموثا" ديكتاتور نيكاراغوا الأخير، وفي تلك اللحظات الحاسمة، ينقسم سكّان مدينة ليون بين أغلبيّةٍ مؤيّدةٍ للمتمرّدين بقيادة أوجوستو سيزار ساندينو، وبين أقلّيّةٍ مواليةٍ لنظام الحُكم وعَساكره، ومنهم يصنع سكارميتا عالماً سحريّاً خاصّاً، فساعي البريد يقرّر أنّ الرسائل التي تحمل أخباراً عن الموت من الأفضل ألّا تصل، وكبرى المعمّرات في المدينة تتظاهر بكونها أرملة عجوز؛ للتغطية على نشاطها السياسيّ، وفيكي الحسناء تطلق صرختها في وجه العسكر، وبرفقة هؤلاء نرى القسّ، والحلّاق، وغيرهم، يبتكرون "حصانَ طروادة" خاصّاً بهم لإنجاح التمرّد، والسيطرة على المدينة.
عبْر نصٍّ متعدّد الإيقاعات والأساليب السرديّة، وممتلئٍ بالاستعارات، يبيّن سكارميتا كيف يمكن لحدثٍ واحدٍ أن يختلف في وقْعه ومعناه باختلاف الزاوية التي يُنظَر منها إليه؛ فالخسارة والهزيمة بالنسبة إلى بعضهم تُمسي نصراً، ولحظةً لا تُنسى بالنسبة إلى آخرين.
في هذا العمل يحمل سكارميتا هموم نيكاراغوا؛ لأنّ الصراع في وجه الديكتاتوريّات بالنسبة إليه واحدٌ باختلاف المكان.
إثْر انقلاب بينوشيه، الذي أطاح بالرئيس سلفادور أليندي، هاجرت آلاف العائلات التشيليّة هرباً من النظام الجديد، ومن بينها عائلة لوتشو التي اتّجهت إلى ألمانيا.
بالنسبة إلى والديه، توقّف الزمن لحظة مغادرة تشيلي في انتظار لحظة العودة، وانقسم العالم إلى قسمَيْن: الوطن الضائع، وما تبقّى من دول، وكما هو حال جيلٍ كاملٍ يرفض تقبُّل ما حصل، غَرِقا في (غيتوهات) حزنٍ؛ فقد كانت أوروبّا تُقدِّم لهم رئاتٍ من الحُرّيّة، لكنّها كانت تصيبهم أيضاً بوَجَع البُعاد.
أمّا بالنسبة إلى لوتشو، فكانت ألمانيا بلداً مختلفاً ممتلئاً بما يستحقّ أنْ يُعاش: كانت أمامه تحدّياتٌ يوميّةٌ في الشارع والمدرسة ليعيشها، وثقافاتٌ جديدةٌ ليكتشفها، وصداقاتٌ، وعداواتٌ، ومشاكساتٌ، وخفقاتُ قلبٍ أولى عليه خوضها؛ هذا كلّه من دون أنْ ينسى واجبه الموروث تُجاه وطنه الأمّ.
عن هواجس الّلجوء، والانكسارات، والأحلام، والخيبات، يتْرك سكارميتا لبطله المراهق رواية حكايته، ليعرض لنا نموذجاً فاتناً عن الصداقة، والرفقة، والنضال لأجل العدالة.
أنخيل سانتياغو، الشاب الطموح الحالم، و بيرغارا غراي، اللص الشهير ذو الخبرة الواسعة، يستفيدان من عفو رئاسي عام ويخرجان في اليوم نفسه من السجن.
يسعى سانتياغو إلى الانتقام من ماضيه ومن تجربة السجن القاسية، بسرقة كبيرة يأمل أن تبني له مستقبلاً جديداً، ويساعده في تنفيذها بعد تردد غراي الذي يسعى إلى استعادة حياته السابقة فقط.
تتقاطع مغامرتهما مع فيكتوريا، طالبة المدرسة التي تحلم بأن تكون راقصة باليه رغم كل الظروف التي تعاني منها.
عن الأحلام غير المكتملة يروي سكارميتا في روايته الحائزة على جائزة بلانيتا قصة دافئة مليئة بالمشاعر، عن ثلاثة أشخاص يجمعهم الحب والصداقة والأمل بمستقبل أفضل، في بلد ما يزال يعيش في ظلال الديكتاتورية البائدة