يتّخذ صادق جلال العظم من الجدل واللغط الّلذين أثارهما كتاب سلمان رشدي "الآيات الشيطانيّة" أواخر الثمانينيّات منطلقاً كي يعالج ما يسمّيه "ذهنيّة التحريم ومنطق التجريم" عند المفكّرين العرب، بصورةٍ بانوراميّةٍ، ويتطرّق في مقالاتٍ أُخرى -أُضيفت في طبعاتٍ لاحقةٍ للكتاب- إلى كثيرٍ من المسائل ذات الصلّة، كالاستشراق، والاستشراق المعكوس، ومفاهيم الغزو الثقافي، والأصالة. يغوص الكاتب وراء المعاني الضمنيّة محاولاً الوصول إلى الجوهر، أو المحرّك الحقيقي للقضايا التي يناقشها، ويرفع صوته عالياً ليجادل ويناقش آراء أقرانه الباحثين والمثقفين: كإدوارد سعيد، وأدونيس. الجرأة تجعل من هذه المقالات الرصينة وثيقةً مهمّةً للنقاشات والحواريّات التي سادت بين المفكّرين العرب في تلك المرحلة، حتى إن لم يتّفق المرء مع أيّ طرفٍ منهم، فالمهم هنا الاحتفال بالفكر الحُرّ، والجدل المبنيّ على اجتهادٍ ومعرفة.
على الرغم من أنّ النقاشات العميقة، والحامية، والممتعة التي يتضمّنها هذا الكتاب تقدّم الكثير من الإجابات، إلّا أنّها تحفّز أيضاً الكثير من الأسئلة المتجدّدة التي ما تزال تؤرّقنا وتسوّغ حاجتنا إلى قراءاتٍ من هذا النوع.
"أراد صادق العظم في هذا الكتاب أن يحلل أسباب الهزيمة وأن يقترح نظرياً ما يرد عليها، قبل أن يدرك، أنها مثل كثير غيرها، هزيمة متوالدة، لا تصدر عن "مؤامرات خارجية" بل عن عجز عربي مقيم، تتوازعه الشعوب والسلطات معاً. وهذه الهزيمة المتوالدة التي ترد على كل هزيمة بهزيمة جديدة، هي التي تجعل من الكتاب، يحتفظ براهنيته، فالهزيمة التي فسر أسبابها لا تزال مستمرة، والأسباب التي نقدها لا تزال حاضرة، والعقلية التي تبرر ما لا يمكن تبريره متنامية متوالدة نشطة. بيد أن أهمية الكتاب الحقيقية لا تتمثل في إضاءة مأساة تاريخية، محددة الزمن، بل في المنهج النقدي الطليق، الذي يفسر الخيبات الإنسانية بأسباب إنسانية، من دون الإحالة على مرجع من ضباب." فيصل درّاج
"قبل هذا الكتاب، كان العشاق العذريون في تصورنا أنقياء كالملائكة، معصومين كالقديسين. ويأتي صادق جلال العظم في هذا الكتاب ليمزق القناع عن وجوه العشاق العذريين، وليكشف بالمنطق والفكر الفلسفي العميق، أنهم كانوا في حقيقتهم نرجسيين وشهوانيين..." نزار قباني