الكوميديا البشرية :
"الكوميديا البشرية" أقصد فيه ما فهمته وأنا لا زلت غضاً وخاماً وقاصراً، أي عبثية البشر وملهاتها؛ بل أني أذهب لأبعد مما ذهب إليه "أرسطو" في تعريفه لكلمة كوميديا حيث قال: (الكوميديا هي ما يبعث على الضحك منها هو النقيصة التي لا تسبب الألم). أما أنا فأقصد بالكوميديا هنا هي مجون وهزلية ولعب وازدراء واستهتار وتخبط وفوضوية البشرية ولا ضحك فيها، فالكوميديا عندي لا تبعث على الخشوع ككوميديا الإغريق ودانتي، ولا تدعو للضحك ككوميديا أرسطو؛ بل هي كوميديا المضحك المبكي بسبب تناقضها وعبثيتها، ولمن يقول أن البشرية أنجزت الكثير فأقول حتى إن كانت هنالك إضاءات أو إنجازات أو تقدم يذكر فهو نتائج لتفاعلات وتدافعات ومشاحنات عشوائية غير مخطط لها ولا مخطط لها، مثل مقامر يكسب حيناً ويخسر غالباً، لكنه كسباً لا يشكر أو يحمد عليه، فلم يأتِ من فكر وعمل؛ بل من عبثٍ وتجريب ولعب.