بيوت مُلْك، وأُخرى مستأجَرة، مساكنُ زائلةٌ ومؤقّتةٌ، تتنقّل بينها الكاتبة عابرةً مدناً سوريّةً مختلفةً، ومحيلةً المنازل إلى محطّاتٍ، أو استراحاتٍ تتيح لها تأمُّل سياق حياتها، وخياراتها، ومنبع رغبتها في البقاء بين الأبواب المغلقة. الطابع الذاتيّ للكتاب يُحيله إلى نوعٍ من الشهادة الشخصيّة، لكنّ نور أبو فرّاج تراهن على أنّ ذكرياتها قد تتقاطع إلى درجةٍ كبيرةٍ مع تجارب شباب وشابّات الطبقة الوسطى من جيل الثمانينيّات في سوريا، الذين عاشوا حياةً مستقرّةً نسبيّاً، قبل أن تأتي الحرب وتُحدِث قطعاً في سياقهم، وتطردهم قسراً من مساحاتهم الآمنة.
في وجه الزوّال وعدم اليقين الذي تُحدِثه الحرب، يُمسي الوصف تخليداً للزائل؛ ولهذا يحاول الكتاب تذكير القُرّاء بالوقت الطويل الذي يلزم لبناء بيتٍ، بالمعنى الرمزيّ، أو الإنشائيّ، لكنّه مع ذلك يحذّرهم من أن يمسوا أسْرى للمكان، ويشجّعهم على حمل بيوتهم كتذكاراتٍ، أو أمتعةٍ صغيرةٍ في رحلتهم الطويلة.