شواخ ...
لم يحدث أن أسَرت شوُاخ لأحد بهذه الأسرار التي دفنتها في بقعة بعيدة جداً ، لا يصل إليها أحد ، لكنها تدرك أن الأسرارالموجعة تفعل بالروح كما تفعل السمنة بالجسد ، ترهل الروح .. ومع مرور الوقت تصاب بالروماتيزم ، تفقد خفتها .. فتغدو ثقيلة سقيمة ! وعليها التخلص منها قبل أن تقع ضحيتها دون أن تشعر .
تبين فيما بعد أن الدكتور محمد غالب متخصص في علاج العساكر بعد قدومهم من الحروب ، ينتشلهم من الكوابيس الدامية التي تلاحقهم ، من أوجاع الفقد ، من نوبات الهلع التي تصيبهم إذا ما انفجرت بالونة في يد طفل ، من التعرق الزائد وشحوب الوجه إذا ما هوت ملعقة معدنية على سطح رخامي .. لذلك لم يستطع النظر إلى هم شواخ ، رغم أن صراعها حقيقي ، لكن الطبيب كان بحاجة إلى موت ودم وخراب ودوي قصف وقنابل ... ليعترف بوجود الصراع !
أما شواخ كان صراعها المشتت ، حول هذا السؤال ’’ كيف من الممكن أن يسكن الجسد شخصان‘‘ .
مهرة بنت أحمد......
حقول الزعفران :
عند المغيب تنغلق زهرة الزعفران على نفسها وتختبئ،
جزء من المُذكرة توارى خلف النار، احترق واختبأ للأبد!
كذلك السفينة غرقتْ، واختبأت داخل أعماق المحيط..
موسى وفرزانة وأبو موسى، فيصل ومريم.. كلهم يملكون حقيقة يجتهدون في إخفائها.
في الحرب والسلم، في الحب والبغض،
اختلفت الظروف، وتعددت الأسباب..
لكنهم جميعاً امتلكوا وجهاً آخر!
لم يكن نفاقاً، الظروف حتّمت عليهم إخفاء وجه وإظهار آخر؛ لأن إظهار الحقيقة أحياناً مُكلف، وفي بعض الأحيان حماقة ..
وفي أحايين أخرى، إخفاؤها يُعد جُبناً وإظهارها يتطلب شجاعة لم تكن بحوزتهم آنذاك...!
ولعلنا جميعاً مثلهم، بسبب ظرفٍ ما.. نملك وجهاً آخر نُخبئه، أو نؤجل ظهوره .!
مهرة بنت أحمد