يضم هذا الديوان بين دفتيه مجموعة من القصائد الوجدانية تترجم وتجسد واقعاً ومشاعراً وأحداثاً عشتها وتأثرت بها فسجلتها شعراً.. أما "سر المحبة" اسم القصيدة الرئيسية لهذا الديوان، فهي تجربة إنسانية وجدانية تأثرت بها وقد أشترك فيها مع غيري من الناس.. فسر المحبة عنوان ينضح بدلالات ثرية، حيث يبقى الحب سر القلوب.. منابعه إنسانية خالصة وصافية، ومعانيه أسمى من كل حسابات..
سر المحبة تأكيده على البعد الإنساني لعلاقات وجدانية ذات دلالات عظيمة، حاول الديوان بقصائده ترجمتها من خلال ما تضمنه من صور وأفكار ومفردات.
فإّا استطاعت هذه الأشعار أن تزيد في بناء جسور المحبة أو أن تذيع بعضاً من مسك معانيها شذى طيباً، فقد بلغت المنى ونلت التوفيق.
وقبل أن أختم كلمتي هذه أتقدم بالشكر إلى أخي الكريم وصديقي الشاعر راشد شرار بأجزل الشكر على مقدمته القيمة، وتدقيقه للديوان.. والله ولي التوفيق.
الشارقة 17 نوفمبر 2013م
فيصل بن سلطان بن سالم القاسمي
رحلة في العبير
أريدُ عدواً واضحاً يصلح للشتم والتشفّي
وجنوداً نهلل لعودتهم
مهزومين أو منتصرين
وشهداء لا ضحايا
ونشيداً
ونصباً تذكاريّاً..
أريد مكاناً في صدر الوطن أعلّق عليه
صورة تذكارية لعائلة لم تنجُ من الموت
وأترك للحرب مهمةَ تعليق أوسمة الشّرف على صدر الطّاغية.
أريدُ حرباً تشبه الحرب
وعدواً هو العدو، بلا قناعٍ من طين هذي الأرض
وقصيدةً أكتبها في مديح المقاتل
لا في هجاء البندقية!
أريدُ أن أكتبَ العشب،
العشب الذي سينبت على حديد المدافع!
حيث يكون الشعر الماء، سحابة عطرٍ ومطر، طوافاً حول ربوع العزف، وأزأزة الأشياء، وحدها القصيدة تكون، حين تحضر روح الشاعر، ولهفته الأزلية المختزلة عند رصيف الأمنيات، وحنايا الكلمات، لحظة الشعر هي حسّ الشاعر ونبضه، حلمه، وخيالاته الشاسعة المعطاء، لحظة العشق المتنامي، المترامي الضوء في دواخلنا كأنما ارتواء حاجة عطش.
الشعر خيال، وربما ابتهال يتسلل من خلف الكلمات ليصنع دعاء، وينسج حكاية، الشعر الحقيقي هو نحن بكل ما نحمل من جمال، وما نكتنز من مشاعر، إنه شيء ما ينساب كالسحر، ليطلع القمر.
القصيدة بعض كلمات تعبرنا، وقد لا تُعبر عنّا، تتلونا مواجع وتعب، لكأن الأبجدية في سرها الدفين تأبى أن نكون نحن/نحن، لنصبح غرباء عنّا، هنا محاولة لترجمة الذات، ومحاولة أخرى للتعبير عن الآخر بشكل ما، قد يجعله واحداً ممن ترسمهم الكلمات هنا.
في هذا العمل الأدبي أنا وأنتم وهُم، لنقرأنا بحب، فنلوّن السماء بالفرح، ونقتفي أثر الكلمات.
ضرب الحزن على تلك الــــــروابـــــــي وتلقيت مصابا في مصــــــــابــي أحمل الهم الذي لـــــــــي فوق أثقالي ملايين الحـــــــــــــــراب المـــــــدى يملأ أرجا المـدى والليالي أطفأت نور الشهــــــــــــــاب ضاقت الأنفـــــــاس في أنفاسهـــــــــــــــــــــــــــا وبكت حتــــــــى تباريح الكتـــاب
أراد الناس الهروب من الخواء
فعمَّروا المدن الكبيرة
وصاروا مسنناتٍ ومطارق وحقائب وقبَّعات.
...
أراد أهل المدن أن يعودوا إلى الطبيعة
عندما تكسَّرت عظامهم
فملأوا شرفاتهم بالورود والعرائش
وربَّوا قططاً وكلاباً في البيوت.
...
جعلوا المدن حصينة ومسوَّرة
يحوطها الجنود وتحرسها الطائرات.
...
حين تنشب الحروب
ستظل ورود الشرفات على قيد الحياة
وتشتعل المعارك في جبال القرى.
...
سيموت الفلاحون والحصادون وسائقو الشاحنات
لكن المحاصيل
ستظل تتدفق إلى رفوف المتاجر.