يصل عدد أتباع الأديان الإبراهيمية الثلاثة (اليهودية والمسيحية والإسلام) بالإضافة للصابئة إلى أكثر من نصف سكان العالم، وهذه الأديان قد قررت مكانة نبي الله إبراهيم الخليل عليه السلام، واعتبرته أبا الأنبياء؛ فهو من أوائل الذين أُرسلوا برسالة التوحيد؛ ليَهْدوا البشر لعبادة إله واحد شرَع لهم ما لو أخذوا به لاستقامت حَيَواتُهم. وعلى الرغم من أن المصريين القدماء قد عرفوا نوعًا من التوحيد؛ هو توحيد آلهتهم في إله واحد رمزوا له بقرص الشمس، إلا أن ذلك التوحيد كان اجتهاديًّا، وليس بتوحيد يقوم على رسالة من السماء. والمتتبع لسيرة أبي الأنبياء إبراهيم سيجد الكثير من النصوص المقدسة التي أشارت لمكانته، وحكت قصة دعوته لقومه، فنَجِد ذِكْرَه في التوراة والإنجيل والقرآن العظيم. والكتاب التالي يقدم دراسة شاملة عن رؤية أهل الأديان السماوية لخليل الرحمن إبراهيم
. أثَّرت الحضارة العربية في الحضارة الأوروبية بشكل كبير؛ حيث شمل تأثيرها جميع المجالات الروحية والمادية، فكانت أرض العرب مهدًا للرسالات السماوية الثلاث، وأيضًا حازت قصب السبق في تعليم العالم التدوين والصناعات السلمية والحربية، وعلوم الكيمياء والميكانيكا والفيزياء، كما قدمت للعالم الكثير في مجالات الطب؛ فكانت كُتب «الرازي» و«ابن سينا» هي المراجع المعتمدة لفترة طويلة بجامعات أوروبا. وامتدَّ التأثير العربي فشمل مجالات الفن والعمارة والموسيقى، كما امتدَّ إلى الأدب؛ فنجد أن القصة الأوروبية تأثرت بفنون المقامة العربية؛ لذلك يُقرر العقاد في هذا الكتاب أن أثر أوروبا الحديثة في النهضة العربية هو نوع من سداد الديون، من حضارة استفادت الكثير، إلى حضارة أنارت العالمَ وقتَ أن سادتْه الظلماتُ، مُختتمًا كتابه بالآية البليغة: «وتلك الأيام نُداولها بين الناس