ما الحرب من دون صيحات المتظاهرين، وهدير الطائرات الحربيّة، وصراخ المعتقلين في غرف التعذيب؟ وكيف تتبدّى الموجودات والأفعال من دون أصواتها؟ وما الحاجة إلى جرس الباب؟ وما صوت الطعام المطهوّ في قِدْرٍ؟ وكيف يستطيع الطفل-الشابّ الأصمُّ هضْم عالمٍ صامتٍ، مكتوم الصوت كهذا؟ تلك بعض الأسئلة التي يطرحها كتاب "المريد الأصمّ"، الذي يصف صورة العالم بعد حذف ملفّه الصوتيّ، ويحكي يوميّات أبٍ قام بتنشئة ابنه الأصمّ وحيداً. متّكئاً على أساليبَ سرديّةٍ متنوّعةٍ، يُضيء ريبر يوسف على الجوانب المُعقّدة في ثنائيّة الأبوّة- البنوّة بما فيها من مشاعرَ مُركّبةٍ، مثل: الحُبّ، والكُره، والخوف، والرغبة في التحرُّر من عِبْء هذا الرابط بين الاثنين، أو الدفاع عنه وتعزيزه. هو كتابٌ عن الأب الذي يتخلّى طوعاً عن أصوات العالم إن كانت لا تطرق أذنَيّ ابنه، وعن ابنٍ يُعيد اكتشاف نفسه ليدفن صممه وخوفه إلى الأبد.
يرى التّصوّر التّقليدي أنّ المجرمين قد خالفوا النّظام الاجتماعيّ، والسّلام العام؛ ولذلك فإنّه يجب أن يُعاقبوا علانيةً، فوجود المتفرّجين يؤكّد على حُكم القاضي ويُسوّغه من جهة، ويحقّق هدف السُّلطة في ردع الآخرين عن تكرار الجريمة من جهةٍ أُخرى، وهذا الردع لا يأتي من الخوف من الأذى البدنيّ للعقوبة فحسب، بل من الخوف من الشعور بالخِزْي والعار، الذي لا يتحقّق إلّا بوجود شهودٍ على الإذلال الحاصل. لكن كيف تتشكّل المجتمعات التي تقبل مثل تلك الممارسات، أو حتّى تطالب بها؟ وما الأنظمة السّياسيّة التي تسمح بالإذلال، وما الأنظمة التي تحاول منعه؟ وهل يمكننا القول: إنّ الإذلال مرتبطٌ بفترة "العصور الوسطى المظلمة" فقط أم إنّ الحداثة "السّاطعة"، والمنيرة، والمتنوّرة قد جلبت معها أساليبَ جديدةً للخِزْي خاصّةً بها، واخترعت ممارساتٍ جديدةً للإذلال؟ في تحليلٍ مذهلٍ للأحداث التاريخيّة والمعاصرة، تُظهر المؤرّخة الألمانيّة أوتا فريفرت الدور الذي لعبه الإذلال في بناء المجتمع الحديث، وكيف استُعمل الإذلال والشعور بالعار الذي يولّده كوسيلةٍ للسيطرة، من عوالم السياسة إلى التعليم المدرسيّ، وأنّ فنّ الإذلال ليس شيئاً من الماضي فحسب، بل تطوّر ليناسب تغيّرات القرن الحادي والعشرين، في عالمٍ لا يكون الإذلال فيه من القوى السياسيّة التي تسيطر علينا فقط، إنّما من قِبَل أقراننا أيضاً.
فنّانٌ جوّالٌ، وممثّلٌ، ومُغنٍّ، وبهلوانٌ، ومُهرّجٌ، ومُستفزٌّ، وغامضٌ، ومتمرّدٌ، ولمصافحته أثرٌ كملمس الشيطان، وابتسامته تشقّ الغيوم، يراقبك دائماً، ولا تراه حين تلتفت إليه، لكنّ حياتك لنْ تعود كما كانت. قضى طفولته في قريةٍ ألمانيّةٍ عاديّةٍ، محاولاً التوازن على أيّ حبلٍ يراه، إلى أنْ اضطّرّ إلى الهرب؛ لأنّ أباه الذي كان طحّاناً، وخيميائيّاً، وباحثاً عن خفايا الدنيا، تورّط في نزاعٍ مع اليسوعيّين. يتجول مع ابنة خبّاز القرية، يجوب القرى مخادعاً الموت، وفي ساحات المعارك يركض أسرع من قذائف المدفعيّة، ويمارس ألاعيبه في الغابات المظلمة التي تتجوّل العفاريت فيها، وفي رحلته التي يجوب فيها البلاد التي مزّقتها حرب الثلاثين عاماً يقابل الكثيرين: الكاتب فولكنشتاين الراغب في التّعرُّف إلى الحرب عن قُرْب، والجلّاد المكتئب تيلمَن، ولاعب الخِفّة بيرمين، والحمار النّاطق أوريغينِس، وملك وملكة الشتاء المنفيّين: فريدريش الألماني، وليز الإنجليزيّة، الّلذَيْن كانا السّبب المباشر في اندلاع حربٍ غيّرت أوروبّا، والشّاعر الطّبيب باول فلِمينغ، المُصرّ على كتابة الشِّعر بالألمانيّة البدائيّة التي لا يفهمها أحد، والمتعصّب تِزيموند، وعالِم التنانين الحكيم أتَنازيوس كيرشر؛ الذين تلتقي مصائرهم جميعاً في أنّهم قابلوا يوماً تلك الشّخصيّة الغامضة التي تقرّر ذات يومٍ أنّها لنْ تموت، بطلَ العصور كلّها: تيل أولِنشْبيغل.
ستفاجئك هذه الرّواية قليلاً. فبعد أنْ تنتهي من قراءتها لنْ تستطيع أنْ تحكيها. الكاتب من الكاميرون، والحَدث بسيطٌ، يدور في مجتمع التّمييز العنصريّ الذي يتحكّم فيه البِيض: يستيقظ سكّان القرية على خبرٍ من الحاكم العسكريّ مفادهُ: أنّ "زعيم البيض الأكبر" سيأتي من باريس ليمنح العجوز ميكا وساماً؛ تقديراً لجهوده وتضحياته، هو الذي فقد ولدَيْه الّلذَيْن حاربا مع الجيش الفرنسيّ، وتبرّع بأرضه للكنيسة الجديدة، ومثل سكّان قريته، يشعر ميكا بالعَظَمة من جرّاء هذا التقدير، لكنّه سرعان ما يدرك أنّه ليس قويّاً، إنّما هو عجوزٌ ضعيفٌ مقهورٌ في مجتمعٍ ضعيفٍ مقهورٍ، ويخوض معركةً، ويُهزَم فيها من دون أنْ يظهر خصْمه على الحلبة. يحاول العجوز وأهل قريته التّشبّث بما بقي في الذّاكرة عن أنفسهم، وعاداتهم، وأساليب تعبيرهم، وردود أفعالهم، وصراعهم من أجل العدالة، ولكنّهم يدركون يوميّاً: ((أنّ البِيض لمْ يتركوا لنا شيئاً)). وفرديناند أويونو لا يتدخّل، كأنّه جالسٌ بينهم، يفعل ما يفعلون، فلا تعرف موقفه المباشر ممّا يجري، ويجرُّك أنت أيضاً لتجلس إليهم، وتشاركهم؛ فهو لا يهدف إلى تعريفك بالمشكلة التي يعيشها النّاس فقط، بل بأساليب التّعبير الإبداعيّة عند هؤلاء النّاس أيضاً.
أستاذٌ جامعي يرى في أحد المتاحف لوحةً رُسم فيها شخصٌ شديد الشبه بوالده، ويشعر شعوراً عميقاً بأن الشبه لا يقف عند حدود التناظر في الوجهين فحسب، فيستيقظ بداخله حدسٌ مخيف، ويحاول مقابلة قريبٍ من سلالة رجل اللوحة. يدخل بطل الرواية متاهة الحلم واليقظة، ومتاهة الذاكرة بتشعّباتها مستحضراً حكايات يختلط فيها الواقعي بالمتخيّل، ورويداً رويداً نجد أننا أمام روايات عدّة، كلّ واحدةٍ منها تُدخلنا في ضياع جديد، حتى نصبح نحن أنفسنا نسير على الحد الفاصل بين الحلم واليقظة. في «الضفة المظلمة» يكتب «خوسِه ماريّا ميرينو» عن الآخر أو القرين، وعن الماضي والذاكرة، في بنية متاهية بديعة، ضمن زمن شاسع يقع على هامش الساعات والنبضات، ويقدّم لنا متعةً صافية تستفزّ مخيّلتنا وحواسّنا.
يشتعل فتيل الحرب بين آل مونسالبيه وآل بارّاغان، حربٌ ضروس لا يحكمها إلّا قانون واحد: الدمّ بالدمّ. وفيما تسعى العائلتان إلى مراكمة الثروة من خلال الأنشطة غير المشروعة، يسطّر الحب بحضوره مآثر ويبدِّل مسارات، ويخلق تلالاً من الكلمات التي يتناقلها الناس عن أفراد العائلتَيْن حتى لم يعودوا ما هم عليه، بل ما يحكيه الناس ويتخيّلونه. وهكذا تبدأ الأسطورة التي صارَت حقيقةً من فرط ما تناقلَتها الألسن، أو لعلّها قصة حقيقية غدَت أسطورةً من فرط ما رُوِيَت. بسردٍ متشابك مفعم بالتفاصيل الحسّية، ينهل من ينابيع الواقعية السحرية، تكتب «لاورا ريستريبو» روايةً وحشية وعذبة في آن، قصةً ملحمية عن الرغبة والخيانة، أسطورةً عن الحياة والموت الجاثم في الصحراء: «كالفهد في الشمس».
ما إن يصل «بافِل»، على رأس بعثة جيولوجية إلى «تلّ الشيطان»، حتى يحذّره الراعي العجوز القاطن هناك من أنّ عليه مغادرة التلّ خلال شهر، قبل أن ينتهي به الأمر منتحراً على فرع شجرة البلّوط، ويكون مصير بعثته مثل مصير البعثات الثماني السابقة، إلا أن الشابّ المتحمّس يصرّ على إنجاح المهمّة، على الرغم من أن أفراد بعثته يهربون من التل واحداً وراء الآخر. شيئاً فشيئاً، يتقارب الاثنان: الشابّ الذي درس في العاصمة البولندية وارسو، والعجوز الذي يعرف خبايا التلّ وأسراره، وتصبح أمسياتهما سمراً لا ينتهي، يحكي فيها «بافِل» للراعي عن غراميّاته، فيما يستمع الأخير باندهاش، ويشتعل قلبه حبّاً بالراهبة ماريا، آخر عشيقات الشاب. في «نساء وارسو» يكتب «غيورغي ماركوف» عن عالمين مختلفين حدّ التناقض، تاركاً لشجرة البلوط أن ترسم مسار النهاية...
في هذا الكتاب صورٌ من عالم الطفولة في انفتاحه على عالم البالغين، لقطاتٌ من حياة أطفالٍ يتلقّون دروسهم الأولى في مدرسة الحياة والبقاء على قيدها، ويُطلّون للمرة الأولى من كوّة واقعهم وأعمارهم على عالم الكبار وآفاق المستقبل الذي ترسمه مرحلة تاريخيّة واجتماعية مهمّة هي الحرب الأهلية الإسبانية: جدّ ولهو وشرب وغناء وأجواء حرب ودويّ قنابل. انتظار أبٍ لن يعود، وهجر منازل، ونزوح عن ديار، واجتياز خطوط. حياة ملاجئ وحياة مناجم وأحلامُ شبابٍ وغرامٌ مراهق
يدرس المجمع البابوي في القرن التاسع عشر تطويب "كريستوف كولومبس" قديساً، فباكتشافه للعالم الجديد ضاعف مساحة الأراضي التي يمكن أن تصل إليها المسيحية، لكن القاعة الكبيرة التي تناقش الأمر تحفل بالمؤيّدين والمعارضين لهذا التطويب، وبالشخصيات الواقعية والأطياف اللامرئية، فماذا سيكون القرار النهائي؟ ينطلق الكاتب في هذه الرواية من حدثٍ حقيقيّ، ويأخذنا قروناً إلى الوراء لنقرأ ما كتبه "كولومبس" نفسه عن رحلاته، فيقدّم لنا الكاتب صورة جديدة، مُزيلاً الهالة الأسطورية التي أضفاها التاريخ على هذه الشخصية. في هذه الرواية التي هي آخر الروايات التي كتبها "كاربانتييه" يعزف الوتر واليد والظل، لتؤكّد جميعها مجدّداً قدرة هذا الكاتب على دمج التاريخ بالفنّ، والواقع بالمتخيّل، بأسلوبٍ متفرّد.
في رواية المفقود يصف كافكا بدقةٍ وفي إسهابٍ عالم العمل في العصر الحديث، هذا العالم الذي يطحن كل شيء ويحوّله إلى غبار، ولا يُسمح فيه بفترات استراحة، لا يُسمح فيه سوى بتعاقب أيدي العمل. هذه الرواية من أكثر الروايات العالمية التي تكشف المجتمع الصناعي الحديث بسداد بصيرة وبُعد نظرٍ وتنبؤ. فيلهلم إمريش
"هذه هي الحرية .. إنها أمر شتائي لا يُحتمل طويلًا. ويجب على الإنسان فيه أن يتحرك باستمرار، مثلما نفعل نحن الآن. في الحرية على المرء أن يرقص، فهي باردة وجميلة. ولكن إياك أن تقع في غرامها، لأن هذا سيحزنك جدًا لاحقًا، فالمرء لا يتواجد في مناطق الحرية إلا طوال لحظات، لا أكثر. ونحن قد تجاوزنا الحد الآن. انظر إلى المسرب الرائع الذي نتزلج عليه، كيف يذوب ببطء. الآن بوسعك رؤية الحرية وهي تموت، عندما تفتح عينيك. في مستقبل أيامك سيكون هذا المشهد الذي يقبض القلب من نصيبك مرات كثيرة." ***** يتعامل فالزر مع اللغة في هذه الرواية باحترام كبير مثلما يتعامل المرء مع صديق مبجل ومقرَّب في الوقت نفسه. هِرْمَن هِسِّه تنطوي "ياكوب فون غونتن" على نوع من المحاكاة الساخرة للرواية التربوية التقليدية. كريستوفر ميدلتون
بعد هرب "ماكندال" ومطاردته، يستفيد من القدرات العجيبة التي زُوّد بها، فيتخذ مظهر حيوانات مختلفة، منتفعاً بموهبته في الانتقال فوراً من مكانٍ إلى آخر، وبسبب إيمان معاصريه به فإنه يشجّع بهذا السحر على أكثر الانتفاضات درامية وغرابة في التاريخ. بقي من "ماكندال" ميثولوجيا كاملة تصاحبها أناشيد سحرية يحفظها الشعب كله، وما تزال تنشد في احتفالات ديانة "الفودو". وفي هذه الرواية يستلهم "آلخو كاربانتييه" من هذه الميثولوجيا سلسلة من الوقائع فائقة الغرابة حدثت في هاييتي، في عصر محدّد لا يبلغ مدى حياة بشرية قصيرة، فيقدّمها من خلال شخصية "تي نويل"، الذي يدرك أخيراً كيف يمكن للإنسان أن يجد عظَمته ومداه الأقصى في مملكة هذا العالم.
يتلقّى المدرّس المتقاعد "بيوس فيرنانديز" من أحد طلّابه، مفكّرةً قديمة وُجدت في الغرفة الخلفية لمتجرٍ في شرق إفريقيا، ويتبيّن أنها مذكّرات ضابط بريطاني عاش قبل سبعة عقود في البلدة الصغيرة "كيكونو". تأسر المذكّرات المعلّم فيحاول إعادة خلق العالم الموجود فيها، وبثّ الحياة في الأرواح المحبوسة هناك، مكتشفاً سرّاً قاتماً متوقّداً، سرّ رجلٍ بسيط يدعى "بيبا" صارت حياته، بعد زواجه من "مريامو"، مرتبطةً ارتباطاً مؤلماً بحياة الضابط الإنكليزي. وفي أثناء تتبّع "فيرنانديز" درب المفكّرة، يصبح آخر الأمر هو نفسه واحداً من حكايات كتاب الأسرار. في هذه الرواية التي حازت جائزة "غيلر" في دورتها الأولى، عام 1994، يكتب " ڤاسانجي" عملاً مؤثّراً غنيّاً بالأسئلة، عن عالمٍ شديد الغنى والتعقيد، نابضٍ بصورٍ ملوّنة، على خلفية تغيّراتٍ تاريخيّة كبيرة.
متأثّرَيْن في حُلم المدينة الفاضلة، وأفكار الفيلسوف الفرنسيّ كابيه في كتابه "الرحلة إلى إيكاريا"، ينطلق الصديقان بلوتز وفاغنر في رحلةٍ إلى العالم الجديد، للمشاركة في بناء المجتمع المثاليّ هناك، إلّا أنّهما يفترقان عند العودة بالتزامن مع التغيّرات الهائلة التي تشهدها أوروبا في بدايات القرن العشرين، وفيما ينغمس بلوتز في تحقيق الأحلام النازيّة الراغبة في بناء المجتمع المثاليّ؛ ليصبح أحد أعلام نظريّات تحسين النسْل والتطهير العِرْقيّ، ينعزل فاغنر عن الحياة؛ إذْ يعمل سرّاً في مكتبةٍ تُخفي الكتب الممنوعة. على الرغم من القطيعة بينهما، فإنّ مصائرهما تعاود الالتقاء بعد سقوط الرايخ الثالث؛ بسبب مهمّةٍ يُرسل إلها هانزن الضابط الأمريكي؛ لاكتشاف خفايا حياة "بلوتز"، وذلك باستجواب ذلك الصديق الذي رافقه في فتراتٍ طويلةٍ من حياته. عبْر الأسرار التي تكشفها الحوارات المطوّلة بين مُحبّي الكتب، ومذكّرات ضابطٍ منتصرٍ في بلده الأمّ المنهزم، يرصد أوفا تيم -في روايته إيكاريا- المدى الذي قد ينحدر إليه البشر في سعيهم إلى بناء المجتمع المثالي.
في طفولتها، عاشت مهرنوش وإخوتها حياةً مرفّهةً وهانئةً، واكتملت سعادة أُسْرتها برحيل الشاه الذي ناضل والداها ضدّه، إلّا أنّ التحوّلات السياسيّة الّلاحقة، وتجنيد الأطفال في الحرب الإيرانيّة-العراقيّة دفَعا والديها إلى الهرب من إيران؛ لحماية أطفالهما. في عام 1986 حدثت كارثة التسرّب الإشعاعيّ في محطّة الطاقة النوويّة في تشيرنوبل، وتسبّبت في تحويل مدينة باريبات المجاورة إلى مدينة أشباحٍ هجرها أهلُها، لكنّ هذا الحدث الذي أشعل قلقاً دوليّاً، وتضامناً شعبيّاً حَوْل العالم، لمْ يكن سوى خبرٍ عابرٍ على التلفاز في طفولتها، عاشت مهرنوش وإخوتها حياةً مرفّهةً وهانئةً، واكتملت سعادة أُسْرتها برحيل الشاه الذي ناضل والداها ضدّه، إلّا أنّ التحوّلات السياسيّة الّلاحقة، وتجنيد الأطفال في الحرب الإيرانيّة-العراقيّة دفَعا والديها إلى الهرب من إيران؛ لحماية أطفالهما. في عام 1986 حدثت كارثة التسرّب الإشعاعيّ في محطّة الطاقة النوويّة في تشيرنوبل، وتسبّبت في تحويل مدينة باريبات المجاورة إلى مدينة أشباحٍ هجرها أهلُها، لكنّ هذا الحدث الذي أشعل قلقاً دوليّاً، وتضامناً شعبيّاً حَوْل العالم، لمْ يكن سوى خبرٍ عابرٍ على التلفاز بالنسبة إلى مهرنوش الطفلة، التي كانت قد حصلت وأُسرتها في الحال على بيتهم الجديد بعد رحلة الّلجوء المريرة. بعد قرابة ثلاثين عاماً، تحكي مهرنوش قصّتها، مقاربةً بين أهمّ حدثَيْن في طفولتها: القلق العام من الكارثة النوويّة التي تسبّبت في خسارة الآلاف لوطنهم، والرحلة الملحميّة التي خاضتها أُسْرتها: الهروب من أصفهان، وفترات اليأس في تركيا، والضياع في ألمانيا الشرقيّة، إلى حين وصولهم إلى وطنهم الجديد في ألمانيا الغربيّة؛ حيث فُتحتْ لها نافذةٌ جديدةٌ على الحياة، كأنّه قد دخل منها ملايين الفراشات الملوّنة. بالنسبة إلى مهرنوش الطفلة، التي كانت قد حصلت وأُسرتها في الحال على بيتهم الجديد بعد رحلة الّلجوء المريرة. بعد قرابة ثلاثين عاماً، تحكي مهرنوش قصّتها، مقاربةً بين أهمّ حدثَيْن في طفولتها: القلق العام من الكارثة النوويّة التي تسبّبت في خسارة الآلاف لوطنهم، والرحلة الملحميّة التي خاضتها أُسْرتها: الهروب من أصفهان، وفترات اليأس في تركيا، والضياع في ألمانيا الشرقيّة، إلى حين وصولهم إلى وطنهم الجديد في ألمانيا الغربيّة؛ حيث فُتحتْ لها نافذةٌ جديدةٌ على الحياة، كأنّه قد دخل منها ملايين الفراشات الملوّنة
أدخل عنوانك وسنحدد العروض لمنطقتك.