حياة المغترب رحلة من الألم والسعادة، والضياع والاكتشاف، والنجاح والخيبة. هي لوحة تتصارعها الألوان المتناقضة الشديدة القتامة والشديدة السطوع. حياة المغترب رحلة تكون نهايتها بحسب المخطط العودة إلى حضن الأم، الأم التي حملته وسهرت عليه طفلاً، والأم الوطن الذي يحتوي على كل ذكرياته السابقة، ولكنها غالباً ما تنتهي بنهاية المغترب قبل انتهاء الرحلة أو بنهاية الأم. هذا الكتاب يقدم قصصاً لحياة المغترب تكاد تكون متطابقة مع الواقع، وتحمل في طياتها كل تلك الانفعالات التي ذكرناها في البداية، وفيها جنوح نحو تقديم حالة المغترب دون إضفاء مسحة الرومانسية المعتادة، كما هي، ومن دون مبالغة أو رتوش.
وصفه تصويرا شموليا يكشف عمل إدواردو ميندوثا المسمى بـلا خبر من غورب قدرة الكتابة وإعادة الكتابة عن مدينة برشلونة أو تحويلها إلى شي متخيل عبر عدسة شخصيات حديثة من المتشردين فيما هو يقدم في الوقت نفسه رسالة ناقدة وساخرة عن الحيوات اليومية للمقيمين في المدينة مستخدما لغة هزلية بو صفها تقليدا وتعطيلا كما يشير الناقد والأكاديمي الإسباني هايير أاريسيو ميدو وهذا أيضا أحد الأسباب التي جعلت كتاب ونقاد إسبانيا يعتبرون ميندوثا أحد أتباع ميغيل دي ثربانتس الذي اشتهر بروايته دون كيخوتهإنها رواية شائقة ويمكننا أن نصنفها ضمن روايات الواقعية السحرية التي عرفناها على مدى عقود من الزمن وأعجبنا بها كثيرا غير أنها ممزوجة بالخيال العلمي